مقال منشور في جريدة الأيام بتاريخ 19-3-2001
يبدأ المقال
أبا سلمان ماذا فعلت بنا-أبا سلمان أين كنت من زمان
أذكر منذ السبعينات حين كنا نرى أطفال الكويت وهم يغنون لبلادهم” هذي الكويت صل على النبي” إننا في البحرين كنا نغبطهم على ذلك الشعاع المتلألئ في عيونهم الصغيرة، وعلى تلك الروح الوقادة التي تبدو واضحة بأنها شئ ما أرفع من الإحساس بالوطنية يجعل الأداء عاليا حتى يصل لقلبك أنت وأنت غير الكويتي، ونسأل لم نحن لا نتفاعل مع أغانينا الوطنية ومناسباتنا الوطنية بهذه الدرجة الأعلى بهذا الإحساس الأعلى، من الاعتيادي وطنيا؟! هل نحن أقل وطنية؟ هل يحبون بلادهم أكثر مما نحب بلادنا؟، ما هو الشئ الذي يجعل التفاعل مختلفا بين حس وطني وآخر؟ا
اعتقد من وجهة نظري بأنه الحب حين يصبح متبادلا وبنفس القدر بينك وبين أرضك تصل أحاسيسك الوطنية لهذه الدرجة من التفاعل الحي فتسمو درجة أعلى من الاعتيادية، إنه الاحساس بأن هذه الأرض بالعزة والمكانة حين تعلم بأن هذه الأرض فخورة بك قدر فخرك بها تحبك قدر حبك لها، تعطيك الأولوية بقدر عطائك لها، تحترمك وتحترم رأيك بقدر احترامك لها، وهذا الذي نجحت أبا سلمان في إيصاله لنا فرفعت من درجة التفاعل ودرجة الاحساس الوطني إلى أن وصل الأداء في التعبير بكل وسائله – ليس الفني تحديدا- إلى أعلى الدرجات، فلقد رأيتُ أخيراً وبعد طول انتظار دام أكثر من ثلاثين عاما ذلك الشعاع في عيون أطفالنا البحرينيين ونسائنا ورجالنا يوم صدور الحكم بالأمس، واعتقد أن الحكم لو صدر قبل عدة سنوات لكنا فرحنا كما عبرنا نحن البحرينيين عنه في اليومين السابقين.
كان هناك تسابق، كانت هناك حيرة في التعبير عن الشكر والامتنان لك بكل تلقائية وعفوية أكثر حتى من الفرحة بالحكم نفسه ولا أدري أتسمعها في الإذاعة والتلفزيون أم لا؟ إنما الكثير أبكونا فعلا لحماسهم وصدقهم، الكل يريد أن يقول لك شكرا أبا سلمان على هذه الروح الجديدة التي بعثت فينا، شكرا على هذا الاعتزاز بالنفس وبكوننا بحرينيين، لقد افتقدنا هذا الاحساس زمنا طويلا.
لقد أعطى البحريني أرضه عطاء اتسم بالإخلاص والتفاني يوم كان المردود الذي يلقاه قليلا، أعطاها بكل ما يملك من عفاف اليد واخلاص العمل يوم إن اعتبرته مواطنا من الدرجة الثانية، فهو يرى غيره يحقق المكاسب سواء الأجنبي الذي يلقى امتيازا أكثر منه أو آخريات ثارت حولهم الشبهات فحققوا مكاسبهم وهو ما نال إلا التهميش.ا
كان الوطن للكل عدا المخلص الأمين الصادق الذي قد يكون فقيرا معدما وقد لا تكون أصوله مرضيا عنها وقد وقد وإنما بالتأكيد كان هو المخلص الصادق الذي يعمل في صمت متواريا لا يقدر على الاحتجاج والتعبير، ويقسم انتماءه لأرضه بمواد أولى وثانية تفرق بينه وبين آخرين ربما عطاؤهم لهذه الأرض لا يصل لعشر عطائه، أعطى البحرين أرضه قابلا منها هذه المعاملة المجحفة في حقه، فغنى لها سالفا بحماس اعتيادي يشكله الواجب الوطني فحسب.
جئت أنت اليوم وقلت لا تمييز كلكم سواسية وبقدر عطاء الإنسان لهذه الأرض يستحق انتماؤه لها فلا مادة أولى ولا مادة ثانية والكل يستحق الجنسية، جئت واعداً بأن هناك حسابا وعقابا لكل من تسول له نفسه النيل من المال العام، أتدري كم رفعت من رؤوس عانت ولاقت الذل؟ا
قد لا تدري ولكنني أقولها نيابة عنهم لقد أعدت للإنسانية كرامتها، جئت وأطلقت العنان للتعبير الحر فعادت للنفس الثقة والاطمئنان والاحساس بالأمن، أتدري ماذا فعلت يا أبا سلمان لقد حققت حلم ابنك الذي قال:” أريد أن يفخر الإنسان البحريني بأنه بحريني” لقد حققت معادلة حيرت أنظمة الحكم في أكثر من ثلاثة أرباع العالم لذا تدمع أعيننا اليوم كلما سمعنا الكلمات الجميلة لأبراهيم الأنصاري يشدو بها محمد عبد الرحيم” بو سلمان يا بوسلمان”.ا
أخيرا.. سنغني للوطن بقلوبنا لا بحناجرنا بعد أن غنى هو لنا رافعا رأسنا.
إنتهى المقال المنشور في جريدة الأيام بتاريخ 19-3-2001