الإنتقادات التي نقرأها في الصحافة ومواقع التواصل الإلكتروني بأقلام من يمكن إعتبارهم من عتاة الموالين تخطت إنتقاد وزارة من الوزارات الخدمية أوإدارة من الإدارات الهامشية في الحكومة. فلقد كثُرت مؤخراً الإنتقادات التي تتعرض للحكومة نفسها ولقرارات سيادية لا يتخذها إلا الملك أو عمه رئيس الوزراء.
وعلى الرغم من رقة تلك الإنتقادات إلا إنها تعكس نمو تململ شعبي من الفساد المستشري ومن هدر الثروات ومن حياة البذخ التي يعيشها أبناء وبنات العائلة الخليفية. فالناس أينما يمّموا وجوههم يروْن آثار الفساد وهدر الثروات كما يروْن مظاهر بذخ الشيوخ والشيخات الفاحش. وتعكس تلك الإنتقادات حاجة واضحة لإحتواء الإستياء الشعبي من إجراءات التقشف التي أتت ضمن تبعات سياسة التجنيس التي ساهمت في رفع عبء الديْن العام و إنتشار الفقر وتحويل المواطنين الى شحاذي مكرمات.
ما يقلق السلطة من تعابيرالإستياء الشعبي الجديد هو إشتراك الجميع فيه. وما يخيفها أن يشكل هذا الإستياء رأياً عاماً في عموم البلاد يهدد سلامة الجدار العازل الذي فرضته بين المواطنين منذ ٢٠٠٢ ورفعته عالياً وعالياً منذ 2011
حتى الآن تجاوزت السلطة الخليفية عن مشاركة بعض عتاة طباليها في تلك الإنتقادات. فلربما تجد في ذلك منفذاً لتنفيس الناس عن إستيائهم أو غضبهم. ولكن ذلك لا يعني إنها ستفتح الباب لغير عتاة الطبالين أو إنها ستتركه مفتوحاً لهم ولهن. فالسلطة تخشى حتى الإنتقادات الملطّفة والملفوفة بأجمل عبارات الإعتذار وأكثرها تسنعاً لأنها تخشى من إنتشارها على ألسنة الناس.
لن تتحمل السلطة الخليفية حتى الإنتقادات الرقيقة التي ينشرها بعض مواليها (وفيهم بعض عتاة قبيلة الطبّالة). وفي هذا السياق جاءت فرْكة إذن سوسن الشاعر. وهي فرْكة أذن ستتكرر مع آخرين ومعها إن لم ترعوِ. نعم. لا يمكن المغالاة في تفسير فرْكة إذن سوسن الشاعر أو “الجدال” حول برنامج إذاعي ترد فيه عبارات مثل “مواطن مطحون” بإنهما نتيجة “صراع أجنحة” في العائلة الحاكمة أو إنهما “علامة على بداية تصدع بيت الحكم” حسب تفاسير راجت. ففرْكة الإذن في الحاليْن للموالين وخاصة عتاتهم هي جزء من سيرة العائلة الخليفية على الأقل منذ أن أتت البوارج البريطانية لتفرض عيسى بن علي حاكماً على البحرين في 1869.
تفرك السلطة الخليفية آذان الوجهاء (مهما كان حقل وجاهتهم ودرجته) بين الحين والآخر ليتعلموا ليتعلم غيرهم وغيرهن إن لا وجاهة لوجيه أو وجيهة إلا برضا العائلة الخليفية وبأفضالها. وليتعلموا هم وهن وغيرهم وغيرهن إن لا حصانة لوجيه أو وجيهة إلا في ظل الولاء غير المشروط والذي يتوجب تجديده عملاً وقولاً بين الحين والآخر. أما الحركات البهلوانية والشعارات المفرغة من معانيها من قبيل “لنا مطالب” كما تعلّم عبداللطيف المحمود ومجيد العلوي وكثيرون غيرهما فدواؤهما لدى السلطة الخليفية معروفٌ وقديم