لا أرى فائدة من الضجة حول “أرقام” من شارك في الإنتخابات أو نسبة من قاطعها. فمن جهة لا تستند شرعية الأنظمة السياسية إلى الأرقام. فما أسهل تزوير الأرقام أو حتى إختلاقها. فهذا هو حال كل البلدان التي تحكمت فيها أنظمة إستبدادية فاخر إعلامها يرفع لافتات 70 بالمئة و80 بالمئة وحتى ما فوق 90 بالمئة. ولكن تلك الأنظمة الإستبدادية إنهارت بفضل صمود القوى المعارضة امام محاولات التيْئيس بهدف إقناعها بقبول صفقات جانبية.
ففي كل تلك البلدان نشطت جهود التيْئيس بمبادرات من موظفي “الأجهزة المعنية بالإصلاح” في الدول الغربية وسفاراتها. وفيها جميعا نشطت أيضاً جهود ” النخب العقلانية” التي ترى السياسة فن الممكن حتى ولو تطلب ذلك إدامة الإستبداد. ا
ولنا في البحرين للأسف خبرات متعددة وطويلة ومؤلمة بسبب نصائح جهود الوسطاء المحليين والغربيين في مجال تيْئيس قيادات المعارضة وحاولت الترويج أن العقلانية تتطلب توجيه الجهود نحو إزالة “شوائب” في السلطة الخليفية عبر إقناع المعتدلين فيها بقبول الإصلاح. وآخرالأمثلة على ذلك البيان الذي أصدره أربعة سفراء أروببين في البحرين لتقريع قوى المعارضة علاوة على “بيان الأعيان” الذي جنّد النظام لترويجه مثقفين و وجهاء ووزراء سابقين حمل بعضهم في سابق الأيام ألوية المعارضة. فلما إنقضى الأمر صاروا من شاكردية السلطة الخليفية وعتاولتها
.
ومن جهة ثانية لا أهمية للأرقام ولا معنى سياسي لها طالما أن الديوان الملكي هو من يقرر حجم الكتلة الإنتخابية فيضيف إليها ما يشاء من الأعداد عبر التجنيس. و الديوان هو من يتحكم في توزيع الدوائر الإنتخابية وحجم كلٍ منها. علاوة على ذلك فالديوان هو من يقرر عدد ومواقع المراكز الإنتخابية بما فيها المراكز العامة. ولقد رأينا أهمية المركزيْن العاميْن في كل من جسر السعودية والمطار بما قدماه من تسهيلات لألاف المقيمين في السعودية وبلدان خليجية أخرى توافدوا للإدلاء بأصواتهم حسب رغبة الديوان الملكي الذي “أنعم” عليهم بالجنسية البحرينية.ا
لا تقود المحاكرة الدائرة حول الأرقام إلا إلى إضاعة الوقت ناهيك عن إضاعة البوصلة السياسية التي أعاد تثبيتها حراك 14 فبراير 2011 . لهذا أيضاً لا أرى فائدة من ترويج الأمل بأن الأرقام قد تتغير فيما لو راقبت الإنتخابات في البحرين هيئات دولية. بل وحتى لو جاء الأمين العام للأمم المتحدة على رأسها.